الواحــــــــة

 

الكون يشهد لله بصفاته

المقســــط

اعداد: هالة أحمد فؤاد

 كلنا يحب قراءة سورة الرحمن ، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم " لكل شىء عروس و عروس القرآن الرحمن "   رواه البيهقى عن على رضى الله عنه

وفى سورة الرحمن يتحدث المولى عز و جل عن بديع خلقه و يبشر المتقين بالجنة و نعيمها ، و فيها يحدثنا سبحانه أيضا عن الميزان فيقول عز من قائل ( و السماء رفعها  و وضع الميزان . ألا تطغوا فى الميزان . و أقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان )  صدق الله العظيم

فهو تعالى الذى أرسل رسله بالبينات و أنزل معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط ..... و لهذا كانت عبادة الله وحده لا شريك له هى ميزان العدل ، فمن سار على هذا المنهج حافظ بذلك على ميزان العدل و أقام القسط فى الأرض .... ، أما الشرك بالله  فهو الظلم العظيم  لإختلال ميزان العدل و الحق فيه ، فمن كفر أو اشرك بالله فهو بذلك ظالم لنفسه ..، أخل بالميزان

و الله سبحانه و تعالى خلق الكون أيضا بميزان دقيق للغاية ...، فلو تأملنا الكون لو جدنا أن الزوجية فى الخلق هى من سنن الله تعالى فى خلقه  ، يقول تعالى ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )(49) الذاريات

فهو سبحانه لم يخلق شيئا واحدا لم يتكرر بل خلق الأزواج ]من المتشابهات و من المتضادات [ من جميع مخلوقاته .... فخلق الذكر و خلق الأنثى ... خلق السماء و خلق الأرض ... خلق النجوم و الكواكب .... خلق الماء و التراب ...... الجنة و النار ..... الملائكة و الشياطين ..... الليل و النهار ....... الحياه و الموت .... المد و الجزر ..... الشتاء و الصيف ..... الربيع و الخريف .....  بل و لكل مادة خلق مادة مضادة لها ، و لكل ذرة أيضا ذرة مضادة  حتى فى داخل الذرة خلق الإ لكترون السالب و الإلكترون الموجب ( البوزترون ) ، وداخل النواة خلق البروتون السالب و البروتون الموجب....، و خلق قوى التجاذب و قوى التنافر...... خلق الغنى و الفقير ...القوى و الضعيف ........ المريض و المعافى ..... ، و خلق لنا عينبن و يدين و رجلين و أذنين ... 

حتى المخ المتحكم فى كل وظائف الجسم و أعضائه و حواسه هو أيضا  مكون من فصين ، و جميع العمليات الحيوية فى الجسم هى ما بين هدم و بناء ...أكسدة و إختزال .... شهيق و زفير ...

و فى أنفسنا ..، يقول تعالى ( و نفس وما سواها . فألهمها فجورها و تقواها )  الشمس7- 8

فنحن نملك مقومات التقوى و مقومات الفجور ... و علينا أن نختار ...، نملك مقومات المحبة و البغضاء .... الرحمة و القسوة .... التسامح و التشاحن .... الكرم و الشح .... و علينا أن نختار ..( قد أفلح من زكاها . و قد خاب من  د ساها ) الشمس 9 – 10

و صدق الله العظيم حين قال فى كتابه الكريم

( سبحان الذى خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض و من أنفسهم و مما لا يعلمون ) يس 36

 

و لنعود فلنكمل حديثنا عن ميزان الله فى كونه و لنعطى مثالا على ذلك :- فالنبات يقوم بدور هام جدا لإمدادنا بالأكسجين اللازم لحياتنا عندما يقوم بعملية البناء الضوئى  التى يستهلك فيها كمية من غاز ثانى أكسيد الكربون و يطلق كمية من غاز الاكسجين اللازم لتنفس الكائنات الحية جميعها حيث تأخذ الأكسجين و تعطى ثانى أكسيد الكربون الذى بدوره يعود للنبات الذى يستعمله فى عملية البناء الضوئى من جديد ... كل هذا بتوازن دقيق للغاية ، و بالرغم من مرور آلاف السنين على بدء الحياة على سطح الأرض و حتى يومنا هذا ، فلا تزال نسبة الأكسجين فى الهواء ثابتة و هى 21% ، و نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الهواء هى أيضا ثابتة و هى0.03% ، و كذلك نسبة بقية الغازات ظلت ثابتة !!

أما جذور النبات فى الأرض فتسحب 24 عنصرا من الأرض و هو نفس عدد العناصر المكونة لجسم الإنسان و جسم الحيوان أيضا ، ثم بموت كل من الإنسان و الحيوان و النبات يعود كل هذا المخزون إلى الأرض ثانية محافظا بذلك على ميزان الله تعالى فى خلقه ..، فصدق الحق حين قال ( منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة أخرى ) طه 55

 

فلكل عنصر من عناصر الأرض دورة حياة مستمرة تبدأ من حيث انتهت إليه ، ولكل نوع من الخلايا فى الجسم عمر محدد ، تموت حين يأتى أجلها  لتولد فى الوقت نفسه خلايا جديدة أخرى ، و لنعطى مثالا على ذلك خلايا الدم الحمراء ، فهى تعيش ما بين 80 – 120 يوما ، تؤدى خلالها عملها دون كلل و عندما تهرم تقوم بتكسيرها خلية أخرى تسمى بالخلية الملتهمة و هى خلية كبيرة الحجم تلتهم الخلايا الحمراء الهرمة و غيرها من الخلايا ، و هى تتبع الجهاز ( الهادم - البانى ) الذى يعتبر الطحال أهم أعضائه ، و هكذا يتم تكسير ما بين مليونين الى عشرة ملايين خلية  حمراء بواسطة خلايا الجهاز الهادم البانى كل ثانية ، و على الرغم من ذلك يظل عدد الخلايا الحمراء فى الدم ثابتا فى أى وقت ذلك أن أعضاء الإنتاج تعمل فى تناسق بديع مع سائر الأعضاء لحفظ التوازن الحيوى فى الجسم .

مثال آخر ، دورة حياة الماء على سطح الأرض ، فهذا بخار الماء يتصاعد من فوهات البراكين و من تنفس الكائنات الحية و من تبخر المحيطات  و البحار و الأنهار إلى طبقات الجو العليا فتتكون منه السحب التى لا تلبث أن تتحول إلى أمطارا تسيل فى الوديان و الأنهار لتصب بعد ذلك فى البحار مرة أخرى .

 فما أروعه من ميزان خلقه الله تعالى بعدله و قسطه

 فمن ميزان قسطه أيضا أنه شرع لنا الشرائع لكى لا يظلم أحد غيره و لا يعتدى أحد على غيره ، و أمرنا عز و جل بأن لا نطغى فى الميزان و بأن نقيم العدل فى الأرض  و أن نحافظ على ميزان الله فى خلقه ، فمنا من يطيع  ، و منا من يظلم و يجور و يعتدى و يمشى مختالا فخورا ، .......  وسوف يسير كل منا على الصراط فى الآخرة ليكون مرآة لصراطه فى الدنيا ، فمن  حفظ  لله ميزانه فى الدنيا  حفظه  الله تعالى  على الصراط ، و من طغى فى الميزان انقلب على وجهه خسر الدنيا و الآخرة ... يقول تعالى ( وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون ) الشعراء 227

  المراجع : - مجلة الإعجاز العلمى العدد الحادى عشر

             - محاضرة للدكتور زغلول النجار

 


جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسى الموقع
و يحظر نشر أو توزيع أو طبع أى مادة دون إذن مسبق من مشرفى الموقع
 

لاتنسونا فى دعواتكم

 

الصفحة الرئيسية

عن الموقع

تأملات

إعجاز علمــى

أبناؤنــا

قطـــوف

سبحان الله

حديث قدســى

دعـــاء

مواقع للزيارة

سجل الضيوف