الواحــــــــة

 

من هم الداروينيون ؟

داروين

تعجبت من وصف بعض القنوات الفضائية العربية للزلزال تسونامي المدمر الذي اجتاح بعض جزر المحيط الهندي ، و صفته بأنه غضب الطبيعة !!

فلا يزال البعض يظن أنه سيُمنح لقب المثقف المتحضر إذا ذكر كلمة ( الطبيعة ) بدلاً من ذكر اسم خالق الطبيعة سبحانه و تعالى ، و السبب فى ذلك يرجع إلى أن بعض المدارس فى عالمنا العربي قامت بتدريس نظرية التطور على أنها حقيقة علمية رغم تعارضها مع مبادىء عقيدتنا الإسلامية و مع القرآن الكريم و صحيح السنة النبوية .. .. فما هى القصة من بدايتها ؟

تنسب نظرية التطور إلى تشارلز داروين ( 1809- 1882 ) م  ، الذى تبنى الكثير من أفكار جده إراسمس داروين الذى يعتبر المؤسس الحقيقى لتلك النظرية عام 1790 م ، لكن داروين الحفيد صاغ و وضع  تلك النظرية فى قالب علمي حين قام بتأليف عدة كتب عنها و كان أشهرها كتابان نالا شهرة واسعة ، أولهما كتاب  ( أصل الخلائق the origin of species  )   ، و ثانيهما كتاب ( ظهور الإنسان the descent of man ) .

و فى السطور القادمة سنحاول عرض ملخص لأهم و أخطر إدعاءات نظرية داروين و هى كما يلى :-

 

·         تدعى النظرية أن الوجود قام صدفة بدون خالق من تجمع ذرات الهيدروجين و الأكسجين و الكربون و النيتروجين بفعل عوامل بيئية و مناخية  كالأمطار و الصواعق و الرعد لتكوين الأحماض الأمينية و هى اللبنات الأساسية لجزيء البروتين ، ثم بنفس الطريقة تجمعت جزيئات البروتين مع عناصر أخرى لتكون خلية الأميبا التى يعتبرها داروين البداية و هى الخلية الأولى لكل الكائنات الحية بعد ذلك.

·         أخذت هذه الخلية الوحيدة فى الإنقسام و التطور ،  فجاءت الكائنات ذوات الخليتين ثم متعددة الخلايا .. و هكذا ظهرت بعد ذلك الحشرات و الطيور و الزواحف و الثدييات و منها القرود  .

·         و عن النباتات يقول داروين أن أصلها يرجع إلى جزء  آخر من الخلية الأولى الذى انقسم و تطور إلى أنواع من الخمائر و الطحالب و الأعشاب ثم النباتات الزهرية و اللازهرية .

·         نشأ الإنسان من النطور الطبيعى للقرد (على حد زعمه) .

·         استمر الإنسان فى التطور و لكن فى النواحى العقلية و الذهنية فقط و ليس فى الشكل و الأعضاء ؟!

·         انقسم البشر جميعهم تبعاً لتلك النظرية بعد ذلك إلى ستة عشر مرتبة ، فهم  يتدرجون من الأسفل إلى الأعلى على سلم التطور البشري ، بحيث تكون أدني مرتبة هى الأقرب إلى الأصل الحيواني ( القرود ) و بالتالى هى الأقرب للسلوك الحيوانى و التخلف الخضارى حيث الإعتماد على الوسائل البدائية  .. و كلما اقترب الجنس البشرى من قمة هذا التسلسل أظهر تطوراً عقلياً و ذهنياً كبيراً حيث الذكاء و  التفكير المنطقى و بالتالى الإبداع و التقدم الحضاري  !!

·         يأتى الزنوج فى أدنى هذه المراتب البشرية  يليهم الهنود ثم الماويون ثم العرب .. بينما يأتى الآريون فى المرتبة العاشرة ، أما الأوربيون ( البيض) فمكانتهم فى المرتبة الخامسة عشر و السادسة عشر  .

و هكذا قسم داروين البشر ،  فهل هناك المزيد ؟                                                                    لا ليس هناك المزيد .. .. لكنها مفاجأة .. .. فهناك جنس بشرى خارق - حسب إدعاء داروين و أتباعه - يأتى أعلى المرتبة السادسة عشر .. فهو جنس قد قفز فى التطور البشري بدرجة عالية ، و تميز بتفوقه و ابداعاته فى كل المجالات .. .. أتدرون من هم ؟ إنهم اليهود !!

أما الأخطر من هذا كله ، إدعائه بأن الأجناس البشرية الأعلى مرتبةً أو الأكثر  تطوراً لها القدرة على السيطرة و التسخير للأجناس الأقل تطوراً، فكلما زاد الفارق بينهما ، كلما كانت السيطرة و التوجيه أسهل .

و أخيراُ إدعى داروين أن الأجناس البشرية المتقدمة لا يمكنها العيش بسلام إلا بعد أن تقضي تماماً على جنسين أو ثلاثة أجناس بشرية أقل تطوراً ، و إلا ستعيش هذه الأجناس عالة عليها .

قد يسأل سائل الآن و له الحق  : ما الداعي من عرض تلك النظرية بعد أن ثبت بطلانها ؟

و الجواب سيدركه كل قاريء بعد أن يعرف و يلاحظ الآثار التي خلفتها نظرية داروين فى الغرب على مدار عدة أجيال و حتى يومنا هذا ، فلم يقتصر تأثيرها على الجانب العلمي فقط ، بل امتد ليشمل الجوانب الفكرية و السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الدينية فى المجتمع الغربي ، و لعل هذا يفسر نظرة بعض الغربيين ( و خاصة البيض منهم ) المتعالية تجاه الأجناس و الألوان البشرية الأخري باعتبارهم أجناس همجية متخلفة مما دعاهم إلى تسميتهم باسم (  العالم الثالث ) .

و بعد أن بررت تلك النظرية للأجناس التى ادعت أنها هي الأبقى و الأصلح ، بررت لها الإحتلال و السيطرة و القتل و التدمير لتلك الشعوب ( المتخلفة )، استباحت ذلك لنفسها عدة دول غربية  كلنا نعرفهم جيداً .

و بعد أن ادعت تلك النظرية أن الكون كله قام صدفة دون خالق ، هدمت بذلك كل الأديان السماوية ، و كل القيم و المباديء الأخلاقية الي جاء بها و دعى إليها المرسلون .. .. فكانت المحصلة لهذا كله أن ظهر مفهوم جديد لكلمة الحرية ، فأصبحت الحرية تعني الإباحية بمفهومها الشامل .

إباحية أخلاقية .. عفواً .. أقصد لا أخلاقية ، إباحية قتل و تدمير و تشريد ، إباحية نهب و سرقة و اغتصاب أراضي و أعراض .. إباحية تزييف للماضى و الحاضر .

و لهذا لاقت النظرية رواجاً و تأييداً كبيراً من قبل بعض اللادينيين و الصهاينة و الماسونيين الذين منحوا داروين لقب فارس بعد أن وصل فى الماسونية إلى الدرجة الثالثة و الثلاثين .

و فى المقابل .. و للأمانة التاريخية ، يجب ألا ننكر الدور الذى قام به بعض الغربيين المنصفين الواعين حيال تلك النظرية ، فقد منع تدريس النظرية فى مدارس و معاهد ولاية كانساس الأمريكية ، كما صدر قرار من ولاية لويزيانا الأمريكية يقضى بأن داروين كان عنصرياً و أن نظريته عنصرية أيضاً و ليس لها أى صلة بالعلم ، كما عقد رئيس جمهورية جنوب أفريقيا Thabo Mbeki   عدة مؤتمرات علمية لتفنيد تلك النظرية،  جمع فيها العديد من كبار العلماء من مختلف التخصصات بعد أن رفع دعوى قضائية ضد الأمم المتحدة و منظمة الصحة العالمية و الحكومتين الفرنسية و الأمريكية ممن روجوا للإدعاء القائل بأن مرض الإيدز انتقل للغرب بسبب الأفارقه السود و انكروا السبب الحقيقى و هو انتشار الشذوذ فى المجتمعات الغربية ، فكانت نتيجة تلك المؤتمرات هى بطلان نظرية داروين.

 

آراء العلماء فى تفنيد نظرية داروين

 

أجمع العلماء المحايدون المنصفون من مختلف التخصصات العلمية على بطلان نظرية داروين المعروفة بنظرية التطور .. حتى عجز داروين نفسه و مؤيدوه عن الرد عليهم أو الإجابة على تساؤلاتهم .

بداية من علماء الإحصاء الذين أكدوا استحالة أن تتكون خلية واحدة عن طريق الصدفة معللين ذلك بأنها تحتاج إلى فترة زمنية أطول من العمر المقدر للكون حتى الآن ، حيث أن فرصة تكون جزيء بروتيني واحد ( صدفة ) هى : 1 : 1601 ، و لهذا يحتاج إلى 24310 عاماً لكي يتكون ، فضلاً عن فرص تكون الأحماض النووية مثل DNA   و أنواع ال RNA   بتركيباتها المعقدة فتحتاج أيضاً إلى ملايين السنين .. فكيف إذن ظهرت كل تلك المخلوقات سواء تلك التى رأيناها فى متاحف الحفريات ، أو التى سبقتها و تلتها من مختلف أنواع الكائنات المنقرضة و غير المنقرضة .. .. كم سنة احتاجت كل هذه المخلوقات لتتكون ؟ انها تحتاج إلى ملايين الملايين من أضعاف عمر الكون .. إذن هذا مستحيل .

 أما علماء الأحياء فتساءلوا : إذا كانت هناك حقاً كائنات بدائية ثم تطورت إلى كائنات أكثر تعقيداً و تطوراً ، فلماذا لانزال نرى حتى يومنا هذا كائنات من ذوات الخلية الواحدة مثل الأميبا و الفيروسات و البكتيريا ، و نري أيضاً متعددة الخلايا كأنواع الطحالب و الفطريات جنباً إلى جنب مع الأسماك و الزواحف و الطيور و البرمائيات و الثدييات مثل القردة و الإنسان ؟

لماذا لم تختفى كل القردة قبل ظهور الإنسان إذا كان نشوؤه حقاً جاء من التطور الطبيعى لها ؟

ثم كيف يأتي الإنسان بخلايا جسدية تحمل كل منها 46 كروموسوماً من قرد يحمل فى كل خلية جسدية 48 كروموسوماً ؟ !!

ثم كيف حدد كل نوع من الكائنات الحية لنفسه و سائله و طرقه الخاصة للعيش و التي بها اختلف و تميز عن غيره من الأنواع الأخري ؟

و إذا كان من سبقونا هم أقل منا تقدماً فكيف إذن ظهرت الحضارات القديمة مثل الفرعونية و اللآشورية و البابلية و غيرها و التي تفوقت علينا في بعض جوانب العلم ؟

كيف .. و كيف .. و لماذا .. و لم يستطع داروين و أمثاله الإجابة حتى الآن .

 و جاء علماء الفيزياء هم أيضاً ليدحضوا تلك النظرية العنصرية ، فلقد أكدوا حتمية فناء الكون لأنهم وجدوا أن جميع التغيرات والتبدلات الحادثة والجارية في الكون تسير نحو زيادة التحلل والتفكك.. لأن الكون يسير نحو الموت الحراري ، و ذلك لأن انتقال الحرارة من الأجسام الحارة ( النجوم) إلى الأجسام الباردة (الكواكب والغبار الكوني مثلا) سيتوقف يوما ما عندما تتساوى حرارة جميع الأجرام والأجسام في الكون.. في هذه الحالة سيتوقف انتقال الحرارة بين الأجسام؛ أي تتوقف الحركة  بأجمعها.. وهذا معناه موت الكون.

إذن فهناك تعارض تام مع نظرية التطور التى تؤكد دوماً على أن الزمن هو عامل بناء أى بمرور الزمن تتحول الأجزاء الصغيرة إلى حالة  أكثر تركيباً و تعقيداً وإلى نظام أكثر دقة .. أي يتحول الكون من الفوضى إلى النظام  بفعل المصادفات العشوائية ضمن بلايين السنين من عمر الكون .. أما علم الفيزياء فيقول بعكس ذلك ، بأن الزمن هو عامل هدم و أن الكون يسير نحو الموت، وأنه لا توجد أي عملية تلقائية عشوائية تؤدي إلى زيادة النظام وإلى زيادة التعقيد والتركيب.

 

و لكن .. .. بعد أن قدم العديد من العلماء المتخصصين من مختلف فروع العلم أدلتهم على بطلان نظرية التطور الداروينية ، فأثبتوا استحالة وجود الخلية الأولى عن طريق الصدفة و استحالة أن تأتى هذه الصدفة بخلق منتظم .. دقيق ... ثابت .. مستقر ، لأن الكون يسير نحو الموت الحراري .

 بعد هذا كله .. ..  جاءت فئة قليلة ماكرة من العلماء والمفكرين والفلاسفة لاستقطاب المؤمنين بوجود الخالق عز و جل فى محاولة لكسب تأييدهم  لتلك النظرية ، فقالوا بأن التطور هو أسلوب الخلق لدى الخالق؛ أي أنهم لا ينكرون وجود الله عز و جل ،  و لكنهم يرون أنه سبحانه و تعالى هو الذي وضع  قوانين التطور ، وهو الذي يوجه هذا التطور في جميع المخلوقات ، فكما يوجه تطور الجنين في رحم الأم كذلك يطور مخلوقاته حسب قوانين دقيقة موضوعة من قِبله ، فالأرض كانت غير الأرض و سرعتها فى تغير مستمر ، ثم  ظهر الإنسان و من قبله ظهر النبات ثم الحيوان و هكذا .. .. ليدعي هؤلاء بأن الإيمان بالتطور على هذا النحو لا يصادم الإيمان بالله ولا ينفيه .

 ولكن الأمر الذي ينسونه أن ثمة فارق بين تطور المخلوقات و بين أطوار الخلق .. التي هى سنة من سنن الله تعالى فى خلقه ( ما لكم لا ترجون لله وقارا * و قد خلقكم أطوارا ) نوح 13-14.

صحيح أن الأرض و الشمس و النجوم و الكواكب لم تخلق دفعة واحدة .. و صحيح أن الأرض كانت تغمرها المياه .. و صحيح أن النباتات ظهرت قبل ظهور الإنسان ، و أن عدد ساعات اليوم كانت أربعة و عدد أيام السنة كانت ألفين .. لكن هذا كله لا يعنى أنها تتطور ، بل إنها تخلق فى أطوار .. مراحل .. مقدرة بحكمة بالغة من لدن الحكيم الكريم الذي لا يسأل عما يفعل و هم يسألون .

هذه الأطوار لا تبدأ ثم تستمر فى التركيب و التخليق إلى ما لا نهاية كما يدعون ، و لكنها تبدأ ثم تتغير ثم تموت .. و هكذا .

فلقد شاء الله تعالى أن تكون بداية السموات و الأرض كما وصفها فى قوله تعالى فى سورة الأنبياء ( أولم ير الذين كفروا أن السماوات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما و جعلنا من الماء كل شىء حى أفلا يؤمنون ) فهذه هى البداية...  (كانتا رتقا) .. و هو التعبير القرآنى المعجز للتعبير عن تكدس و تجمع كل صور المادة و الطاقة مع بعضها البعض ، ثم بعد ذلك حدث  فتق لهذا الرتق و هو ما يسميه العلماء الآن بالإنفجار العظيم BIG BANG  و منه خلقت السماوات و الأرض . 

وشاءت إرادته عز و جل أن تظهر النباتات أولاً لتهيئة الغلاف الجوى للأرض لظهور الإنسان والحيوان بعد أن أصبحت عدد ساعات النهار مساوية تقريباً لعددها ليلاً ليتمكن الإنسان من السعي ثم الراحة بعد ذلك .

أما خلق الإنسان فكان فى أطوار هو أيضاً : من تراب خلط بماء ..  فصار طينا ( طين لازب ) كما ورد ذكره فى القرآن الكريم أى تميز بخاصية اللزوجة ..  ثم تغير الطين فصار (حمأ مسنون ) ثم ( صلصال كالفخار) ..   ثم صوره المولى فأحسن صوره .. ثم نفخ فيه الروح  فكان خلق أبينا آدم عليه السلام ، و منه جاءت ذريته جميعها :  من نطفة ثم من علقة ثم مضغة .. ثم يولد طفلا ليعيش ما قدر له أن يعيش .. ثم يموت .. فهذه سنة الله تعالى فى خلقه (فلن تجد لسنت الله تبديلا و لن تجد لسنت الله تحويلا ) فاطر .

لكننا مع هذا يجب ألا ننسي طلاقة القدرة الإلهية في أن يقول للشىء كن فيكون  (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) .. و نحن رأينا ذلك فى قصص الأنبياء ، فجميع المعجزات جاءت خرقا لقوانين الأسباب ، كما يجب علينا أن نتعلم الحكمة العظيمة فى أطوار الخلق و هى أن نعلم يقينا بأن لكل خلق نهاية كما كانت له بداية بقدر الله ، و هذا الشعور يعمق فينا الإيمان بالآخرة و كذلك يقوى الصبر فينا حين نعلم أن لكل شىء أوانه ..

و بعد،  أما آن الأوان لأن نمحو كلمة ( صدفة ) من قاموسنا اللغوي ؟

                                                                           هالة الأشرم  

عضو المجمع العلمى لأبحاث فى القرآن الكريم و السنة

   المرجع : دراسة للدكتور /حامد اسحق خوجة  ، نشرت بمجلة الإعجاز العلمي العدد الحادي عشر .

 

 

                                                                                                                               


جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسى الموقع
و يحظر نشر أو توزيع أو طبع أى مادة دون إذن مسبق من مشرفى الموقع
لمراسلتنا إضغط هنا

 لاتنسونا فى دعواتكم

 

الصفحة الرئيسية

جديد الموقع

عن الموقع

تأملات

إعجاز علمــى

عبر من السيرة

أبناؤنــا

قطـــوف

سبحان الله

حديث قدســى

دعـــاء

مواقع للزيارة

سجل الضيوف