الواحــــــــة

 الأبراج .. حقيقة أم خرافة

هالة الأشرم

عضو جمعية الإعجاز العلمى للقرآن الكريم و السنة

تخصص بعض الصحف و المجلات أبواباً ثابتة تحت عنوان أنت و النجوم أو حظك اليوم  تعتمد على ما يدعيه المنجمون من قدرة على معرفة الغيب و  " كشف الطالع " ، استناداً  إلى  النظرية القائلة بتأثير النجوم على الحوادث الأرضية ، أى أن ما يجرى للإنسان و ما يحدث فى الكون له علاقة بحركات النجوم و مواقعها !!

و قبل أن نبين حكم الشرع ، سنوضح أولاً ما هى الأبراج .. و هل لها علاقة حقاً بحياتنا أم لا .

 لقد ورد ذكر البروج فى عدة مواضع فى القرآن الكريم ، منها قول الله تعالى فى أول سورة البروج {وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } ، و يفسر ابن كثير الآية فيقول :

 ] لقد اختلف أهل التأويل في معنى البروج في هذا الموضع فقال البعض هى القصور ، وقال آخرون مثل مجاهد و قتادة  أن المقصود بذَاتِ البُرُوجِ أى ذات النجوم ، وأولى الأقوال بالصواب :  هى منازل الشمس والقمر، وذلك أن البروج – جمع برج - هي منازل تتخذ عالية عن الأرض مرتفعة، ومن ذلك قول الله تعالى :( وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ )، إذن فهى منازل مرتفعة عالية في السماء ، و هى ً اثنا عشر برجا، حيث كان مسير القمر في كلّ برج منها يومان وثلث، فذلك ثمانية وعشرون منزلاً،  كما كان مسير الشمس في كلّ برج منها شهراً واحداً . [

 

و لقد قسم الفلكيون منذ قرون بعيدة الكرة السماوية إلى عدد من الكوكبات أو التجمعات النجمية كي يسهل عليهم تحديد مواقع الأجرام السماوية .. .. أما في العصر الحديث ، فقام الاتحاد الفلكي العالمي بتقسيم الكرة السماوية إلى 88 كوكبة ، والكوكبة عبارة عن  تجمع نجمي ظاهرى في السماء   - و لابد من التأكيد على أنه ظاهرى – أى أن النجوم التابعة لكوكبة معينة لا تشكل بالضرورة حشدا نجميا واحداً مترابطا بواسطة الجاذبية ..  فقد تكون هذه النجوم التابعة لكوكبة معينة على مسافات متفاوتة من المشاهد ، ولكن من زاوية رؤيته يتوهم المشاهد أن هذه النجوم تشكل تجمعا نجميا ، فبعض نجوم البرج الواحد قد تكون قريبة نسبيا من الأرض ، بينما يقع البعض الآخر على مسافة بعيدة نسبيا .. أى أن نجوم البرج الواحد تبدو من الأرض و كأنها في نفس الاتجاه.  

  كذلك فإن النجوم التابعة لكوكبة معينة غالبا ما تكون سرعتها الذاتية متفاوتة ، مما يعني أنه بعد مرور آلاف السنين قد يطرأ بعض التغير على أشكال هذه الكوكبات.

و لقد اشتهرت 12 كوكبة من بين الكوكبات الثماني والثمانين بين الناس باسم الأبراج و هى المعروفة الآن  بتلك               الأسماء :

الجدى ، الدلو ، الحوت ، الحمل ، الثور ، الجوزاء ، السرطان ، الأسد ، العذراء ، الميزان ، العقرب ، القوس . وهذه الأبراج ما هي إلا كوكبات أو مجموعات نجمية، تمر خلالها الشمس في رحلتها السنوية الظاهرية حول الأرض ،  إذ أن للشمس مدارا ظاهريا حول الأرض يعرف بدائرة البروج .

 ولكن ما يغفله الكثيرون هو أن عدد الأبراج حاليا يساوي 13 وليس 12 كما هو شائع بين الناس ،  والسبب في ذلك أن دائرة البروج ليست ثابتة ولكنها تدور نتيجة لترنح محور دوران الأرض حول نفسها ، لذلك في عصرنا الحالي تمر الشمس خلال 13 منزلا ( برجاً ) أثناء رحلتها السنوية الظاهرية حول الأرض .

 أما هذا البرج الجديد فيسمى " الحوّاء أو الحيّة " و يقع بين برجي العقرب و القوس .. ..  و لهذا فإن تواريخ الأبراج التقليدية المألوفة بين الناس الآن قد تغيرت أيضا !!

فمثلا الشخص الذي ولد ما بين يومى 29 / 11 و 18/12 هو الآن  يتبع البرج الجديد " الحوّاء " .. و هو ما لم يضع المنجمون حتى الآن لمواليده أية صفات تميزهم عن غيرهم !  

و هذا هو أول دليل نقدمه لبطلان الإدعاء بأن للأبراج علاقة بسعادة أو شقاء الإنسان .. أما باقى الأدلة فهى :

 

  • نظراً للأبعاد الشاسعة التى تفصل  بيننا و بين النجوم  ، فلا يمكننا أبداً رؤية النجوم فى مواقعها الحقيقية فى السماء  من الأرض أبداً حتى بأدق الأجهزة العلمية.. .. فكل ما نراه من نجوم فى السماء ما هى إلا أضواء انطلقت من تلك النجوم من مواقع  مرت بها منذ زمن بعيد ثم غادرتها ، و قد يكون النجم الذى نراه الآن  قد مات أو طمس منذ ألاف السنين !!  حتى الشمس و هى أقرب النجوم إلينا لا نراها فى موقعها الحقيقى بل نرى ضوءها الذى انطلق منها فى موقع  كانت به قبل ثمان دقائق ، تكون الشمس خلال تلك الفترة قد تحركت مسافة لا تقل عن 10 آلاف كيلو متراً عن ذلك  الموقع .
  • يبدو كل برج أو تجمع نجمي لنا من فوق سطح الأرض كتكوين واحد  ، لكنه فى حقبقته غير ذلك ، فقد يكون كل نجم فيه يتبع تجمعاً نجمياً آخر يختلف عما يتوهمه الرائي .  

§         ثبت علمياً أن الضوء مثل المادة ينحنى أثناء مروره فى مجال تجاذبي مثل الكون ، و عليه فإن موجات الضوء الصادرة من النجم  تنعطف أثناء مسارها من السماء إلى الأرض ، وتتحرك فى خطوط منحنية يصفها القرآن الكريم بالمعارج ، و لهذا يخيل للناظر من الأرض أنه يرى موقعاً حقيقياً للنجم على استقامة بصره .. و هذا غير صحيح .     

§         الأشعة الكونية بمختلف أنواعها و التى تتكون من جسيمات مشحونة مثل البروتونات والإلكترونات ، تأتى إلينا من الفضاء على شكل رياح شمسية و كذلك من مختلف النجوم ، فتصطدم  بخطوط المجال المغناطيسي للأرض ثم تتحرك بمحاذاتها‏,‏ لتنحني  فى النهاية  و تتكثف عند قطبي الأرض المغناطيسيين  ‏ وذلك لعجزها عن عبور مجال الأرض المغناطيسي ‏,‏ كما أن غالبية تلك الأشعة الكونية تمتصها طبقات الغلاف الغازي للأرض .

§         يبرهن البعض على تأثير النجوم على حياتنا و أقدارنا ، بعلاقة جاذبية القمر  بحركة المد و الجزر و حركة السوائل داخل أجسادنا ، و هذه المقولة غير صحيحة ، أولاً لأن القمر يعد تابعاً للأرض و ليس نجماً ، و ثانياً لأن تأثير جاذبية القمر على حركة السوائل على الأرض لا يعنى أن له أى تأثير على حياتنا و أقدارنا .

أما  خير دليل يحرم تصديق المروجين لتلك الخرافات  هو قول رسول الله صلى الله عليه و سلم فى حديثه الذى رواه ابن عباس رضى الله عنه " من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد " .

و المقصود بعلم من النجوم أى التنجيم و هو ما يروج له الكهان و المنجمون من ادعاء بمعرفة الطالع  .

و لقد سألت السيدة عائشة رضى الله عنها الرسول صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله إن الكهان كانوا يحدثوننا بالشىء فنجده حقاً ، فقال " تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها فى أذن و ليه ، فيخلطون معها مائة كذبة " رواه مسلم .

 أما علم الفلك و هو المختص بدراسة جميع الظواهر الفلكية و الأجرام السماوية بالتجربة و المشاهدة فهو مطلوب بل و يعده العلماء فرض كفاية على الأمة .

 


جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسى الموقع
و يحظر نشر أو توزيع أو طبع أى مادة دون إذن مسبق من مشرفى الموقع
لمراسلتنا إضغط هنا

 لاتنسونا فى دعواتكم

 

الصفحة الرئيسية

جديد الموقع

عن الموقع

تأملات

إعجاز علمــى

عبر من السيرة

أبناؤنــا

قطـــوف

سبحان الله

حديث قدســى

دعـــاء

مواقع للزيارة

سجل الضيوف