الواحــــــــة

البشارات بمحمد عليه الصلاة و السلام

فى الإنجـيل

 هالة أحمـــد فؤاد

كما بشرت التوراة بقدوم النبى الخاتم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم  ، جاء الإنجيل أيضاً مبشراً به عليه الصلاة و السلام مع بيان دقيق لاسمه و صفاته و صفة الدين الذى جاء به بل وصفات أمته صلى الله عليه و سلم .

و لابد لنا أن أؤكد على أننا لسنا بحاجة لأن نستعين بما ورد فى الكتب السماوية السابقة لأن شريعتنا الإسلامية جاءت ناسخة لما سبقتها من الشرائع السماوية .

و لكننا فقط نستدل منها ببعض تلك النصوص التى تمكننا من تصحيح الأفكار الخاطئة التى لديهم عن الإسلام و نبي الإسلام لتكون حجة لنا عليهم ، فبرغم التحريف الذى أصاب جزء كبير من تلك الكتب - بشهادة بعض علمائهم -  فلا تزال هناك بقية لم تحرف و كأن الحكمة الإلهية العظيمة اقتضت ذلك لتظل شهادة صدق للإسلام و لنبى الإسلام .

اسمه صلى الله عليه و سلم

لقد وردت النصوص الدالة على اسمه صلى الله عليه و سلم في عدة أناجيل ، منها إنجيل "برنابا" الذى استبعدته الكنيسة عام 492م  بأمر من البابا جلاسيوس ، وحرّمت قراءته وصودر من كل مكان، لكن شاء الله تعالى  أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب لاتيني اسمه ( فرامرينو ) الذي عثر عليه ، ليجد في الباب 22 منه ما يلى : " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع  للذين يؤمنون بشريعة الله " أى أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الإعتقاد الخاطيء ، ولهذا أعلن فرامرينو إسلامه  وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس و لا تزال .

و من تلك النصوص أيضاً ما جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح :16  في قول عيسى عليه السلام وهو يخاطب أصحابه :" لكني أقول لكم إنه من الخير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط " ، وفي موضع آخر " ابن البشر ذاهب والفارقليط من بعده يجيء لكم بالأسرار ويفسر لكم كل شيء، وهو يشهد لي كما شهدت له، فإني أجيئكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل ".

و(الفارقليط) الذي بشر به يوحنا مرات عديدة ، أصلها منقول عن الكلمة اليونانية (باراكلي طوس) المحرفة عن الكلمة (بيركلوطوس) التي هى لفظ من ألفاظ الحمد أى تعني محمد أو أحمد ، و هذه الكلمة أيضاً لها عدة معان : المعزّي ، والشفيع ، والمحامي ، وأي من هذه المعاني ينطبق على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تمام الانطباق  ، فهو المعزّي المواسي للجماعة التي على الإيمان وعلى الحق من بعد الضلال ، وهو المحامي والمدافع عن عيسى ابن مريم عليه السلام وعن كل الأنبياء والرسل بعدما شوه اليهود والنصارى صورتهم وحرفوا ما أتوا به وهو الإسلام .

ويقول مطران الموصل السابق الذي هداه الله للإسلام ، وهو البروفيسور عبد الأحد داود الآشوري (في كتابه : محمد في الكتاب المقدس) : إن العبارة الشائعة عند النصارى : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة " لم تكن هكذا من قبل ، بل كانت : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام ، وللناس أحمد " .

 

كما جاء في إنجيل يوحنا إصحاح 14 " أنا أصلي إلى الله ليعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق"  .. وقال في نبوءة أخرى فى نفس الإنجيل إصحاح 16 " إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع، ويخبركم بكل ما يأتي، وبجميع ما للرب "  فجاء هذا مصداقاً لقول الله تبارك وتعالى عن المصطفى عليه الصلاة و السلام  : [ و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى  ] .

و كذلك  تتطابق هذه البشارات أيضاً على محمد صلى الله عليه و سلم فهو العاقب للمسيح، والشاهد لما جاء به، والمصدق له بمجيئه، وهو الذي أخبرنا بالحوادث في الأزمنة المستقبلة، كانتصار الروم و فتح القسطنطينية ، وأضعاف ذلك من الغيبيات التي ستقع قبل يوم القيامة كخروج الدجال، وظهور الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج يأجوج ومأجوج، ونزول المسيح ابن مريم، وظهور النار التي تحشر الناس،  وغيبيات يوم القيامة مثل الصراط، والميزان، وتناثر الصحف ، و هو الذى أرشد الناس إلى جميع الحق  ، و تنزل عليه القرآن الكريم الذى ذكر تفصيل لأمور كثيرة لا توجد لا في التوراة ولا في الإنجيل ، حتى أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، ولهذا كان خاتم الأنبياء و المرسلين .

 

صفاته صلى الله عليه و سلم

في إنجيل متى الإصحاح 21جاء ما يلي: " قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ". و هنا تذكر هذه البشارة على لسان عيسى عليه السلام أن الرسالة ستنزع  من بني إسرائيل و تعطى لأمة أخرى "تعمل أثماره" أي تحقق ثماره ، و هذا معناه أن الرسول المبشر به هو من غير بني إسرائيل .

و هنا أيضاً جاء وصف محمد عليه الصلاة و السلام بأنه الحجر الذي أتم بناء النبوة فصار رأس الزاوية ، فجاءت هذه البشارة مصداقاً للحديث النبوى الشريف الذى رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة و السلام قال: ( إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ ) .

 

سيادة دعوته صلى الله عليه و سلم

يقول المسيح عليه السلام :(إن أركون العالم سيأتيكم ) وأركون العالم هو سيد العالم وعظيمه.

فجاءت هذه البشارة مطابقة للحديث الشريف :((أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي، وأنا خطيب الأنبياء إذا وفدوا، وإمامهم إذا اجتمعوا، ومبشرهم إذا أيسوا، لواء الحمد بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي)) .

 وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل ما أول أمرك قال: ((أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى)).

وطابق بين هذا وبين هذه البشارات التي ذكرها المسيح، فمن الذي ساد العالم باطنا وظاهرا وانقادت له القلوب والأجساد، وأطيع في السر والعلانية في محياه وبعد مماته في جميع الأعصار، وأفضل الأقاليم والأمصار، وسارت دعوته مسير الشمس، وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار، وخرت لمجيئه الأمم على الأذقان، وبطلت به عبادة الأوثان، وقامت به دعوة الرحمن، واضمحلت به دعوة الشيطان، وأذل الكافرين والجاحدين، وأعز المؤمنين، وجاء بالحق وصدق المرسلين.

حتى أعلن بالتوحيد على رؤوس الأشهاد، وعبد الله وحده لا شريك له في كل حاضر وباد، وامتلأت به الأرض تحميدا وتكبيرا الله وتهليلا، وتسبيحا، واكتست به بعد الظلم والظلام عدلا ونورا. 

صفة الدين الذي يأتي به

أولاً : تحويل القبلة :  جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح 4 ما يأتي :

إن امرأة سامرية تقول لعيسى عليه السلام : " آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون إن في أورشليم الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه ، قال لها يسوعيا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون " و فى هذا إعلان عن تحول القبلة من بيت المقدس ،  ولا يكون ذلك إلا على يد رسول، و هو ما حدث بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وفقاً لأمر الله تعالى القائل :﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ (البقرة:144).

ثانياً : الهداية إلى جميع الدين الحق : فقد جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح 16 ما يأتي: يقول عيسى عليه السلام :" إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بالحوادث والغيوب  "  فكان هذا مصداقاً لقول الله تعالى ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ ، كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يعلم قبل الوحي شيئاً  ﴿وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان﴾  ، فلم يكن صلى الله عليه وسلم ينطق من تلقاء نفسه، بل ينطق بالوحي، كما قال تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾  وهذا مطابق لقول المسيح أنه لا يتكلم من تلقاء نفسه بل إنما يتكلم بما يوحى إليه.  

اعداد : هالة أحمد فؤاد

عضو جمعية الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم و السنة

 

المرجع: كتاب البشارات للشيخ الزنداني .

         كتاب هداية الحيارى لابن القيم .


جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسى الموقع
و يحظر نشر أو توزيع أو طبع أى مادة دون إذن مسبق من مشرفى الموقع
لمراسلتنا إضغط هنا

 لاتنسونا فى دعواتكم

 

الصفحة الرئيسية

عن الموقع

تأملات

إعجاز علمــى

أبناؤنــا

سبحان الله

قطـــوف

حديث قدســى

دعـــاء

مواقع للزيارة

سجل الضيوف