الواحة

الكون يشهد لله بصفاته

اعداد: هالة أحمد فؤاد

 يقول بعض المنكرين لأنعم الله أن الله تعالى خلقنا ثم تركنا  نفعل ما نشاء !!  …كيف هذا و الله تعالى هو الحى الذي لا يموت .. وهو سبحانه قيوم السموات  و الأرض و من فيهن و ما فيهن ، و قيومية الله عز و جل تعنى انه هو وحده  القائم على تدبير أرزاق عباده و جميع أحوالهم وهو و حده أيضا  المتحكم فى ملكوته فهو خالق السموات و الأرض و هو ممسكهما

يقول تعالى:  ( و يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )

و يقول سبحانه : (وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) الروم (25)

 ويأتى  العلم الحديث ليؤكد لنا  الآن على قيومية الله عز و جل على ملكوته فيقول أن لكل مادة يوجد قرين المادة و بالتالى لكل مجرة قرينها و الكون الذى نعيش فيه هو أيضا له قرينه !! و عندما يتفاعل الجسيم مع قرينه  أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر و يختفى الإثنان فى شىء يشبه الإنفجار متحولين كليهما الى طاقة معظمها فى صورة أشعة جاما ،  و السؤال الذى يحير العلماء هو:

ما الذى يمنع المجرة و قرينها أو الكون و قرينه من الاقتراب من بعضهم البعض و من ثم التبدد و الزوال و لم يجدوا اجابة حتى الآن و لكن نحن كمسلمين نجد الاجابة فى قوله تعالى :

(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)

فاطر(41)

و المعنى للآية  فى تفسير ابن كثير : أى أنهما بما فيهما من القوة المتماسكة لهما فلا يقدر على دوامهما و ابقائهما إلا هو سبحانه و هو مع ذلك الحليم الغفور

فنحن عندما نتأمل قصص الأنبياء نجد أن كل نبى يأتى بمعجزة من عند الله تعالى  لتكون حجة علي قومه

و المعجزة لابد و أن تكون خرقا لنواميس الكون التى هى من خلق الله عز و جل لأن نواميس الكون ألفها الناس و هى تحكمهم و لا يحكمونها و بالتالى فهم لا يستطيعون السيطرة عليها أو  تغييرها أو إبطالها

فالنار مثلا ناموسها الكونى الاحراق فلا يستطيع أحد أن يجلس وسط النيران و لا يحترق و مع ذلك حين  أمر المولى النار التى ألقى فيها سيدنا ابراهيم عليه السلام  بأن تكون بردا و سلاما عليه.. صارت كذلك

و الماء مثلا ناموسه الكونى الاستطراق فلا يستطيع أحد أن يأتى و يشق البحر و لكن الله تعالى شق البحر لموسى عليه السلام و قومه ،

و قوانين الأسباب أن الذى يموت لا يعود الى الدنيا الا عند قيام الساعة و لا أحد يستطيع أن يحيى الموتى الا أن يبعثهم الله تعالى  و بالتالى كانت معجزة سيدنا عيسى عليه السلام هى احياء الموتى و ابراء الأكمه و الأبرص بإذن الله

و لم يألف الناس أن ينشق الجبل عن ناقة عملاقة كناقة سيدنا صالح … و لم يألفوا أن تتحول العصى الى حية حقيقية تسعى كعصى موسى عليه السلام  وغيرها من آيات تشهد بقيومية الله على ملكوته

فلا يوجد حادث فيه إلا بإيجاده و لا يبقى إلا بمشيئته ، فكل شىء اليه فقير

فهو الصمد الذي تقصده الخلائق كلها فى جميع أحوالها…..و هو القريب المجيب الذي يجيب دعوة الداع و دعوة المضطر و المظلوم،. وهو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شىء ….  و من ذا الذي بيده ملكوت كل شىء ، المتصرف فى خلقه بما يشاء من الأمر و النهى و الاعزاز و الازلال …هو الملك الحكم العدل الذي يحكم بين عباده فى الدنيا و الآخرة بعدله و قسطه و لا يظلم أحدا و يؤدى الحقوق الى أهلها لأنه الحسيب الوكيل الذي ما التجأ اليه مخلص الا كفاه ولا اعتصم به مؤمن الا حفظه و وقاه و من يتوكل عليه فهو حسبه .

و من الذي خلقنا و صورنا فأحسن صورنا ..فهو الخالق البارىء المصور …الذي خلق كل شىء فقدره فأحسن تقديره فبقدرته أوجد الموجودات لأنه القدير .. و بقدرته دبرها و أحكمها و أتقنها  فهو المدبر بديع السموات و الأرض

وهو العليم .. المطلع على جميع الأشياء خفيها و جليها ، … و هو الذي لو أتاه العبد بقراب الأرض خطايا ثم لقيه لا يشرك به شيئا لأتاه بقرابها مغفرة و يقبل التوبة عن عباده لأنه العفو الغفور التواب فالحمد لله الذى لم يتخذ صاحبة و لا ولدا و لم يكن له شريك فى الملك  و لم يكن له ولى من الذل

وهو الذي يرزق خلقه أجمعين و يعينهم على ذلك و يسبب الأسباب فهو الرزاق الذي لا تنفذ خزائنه .. الذى رزق السيدة هاجر و ابنها الرضيع سيدنا اسماعيل عليه السلام ببئر زمزم فى وادى غير ذى زرع حينما تقطعت بهم الأسباب  و هو الوهاب .. الكريم .. الجواد .. الفتاح الذي فتح لعباده أبواب الرحمة و المغفرة و الأرزاق و فتح قلوبهم لمعرفته و محبته لأنه الرب الودود الذي يحب أنبيائه و رسله و أتباعهم و يحبونه ….

و هو الحفيظ  الذى يرسل حفظة من ملائكته الكرام على من يشاء من عباده ، وهو القائم على حفظ القرآن الكريم الى قيام الساعة  فيقول عز من قائل: ( انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون )  ليكون لنا نورا نهتدى به  لأنه هو سبحانه الهادى الذي يهدى بنوره من يشاء

فالله نور السموات و الأرض … و الله متم نوره و لو كره الكافرون

 

المراجع : – شرح الأسماء الحسنى للشيخين حافظ حكمى و عبد الرحمن السعدى

–         كتاب : آيات قرآنية فى مشكاة العلم للدكتور / يحيى المحجرى

–         السيرة النبوية لفضيلة الشيخ / متولى الشعراوى

التعليقات: